حلب ــ معن الغادري ــ محمد. ح. الأحمد
من حلب، أيقونة الصمود والتحدي والانتصار على الإرهاب، تجدد لقاء أبناء العشائر والقبائل السورية والنخب الوطنية في اجتماعه الثاني الذي عقد في فندق شهباء حلب ليقولوا كلمتهم في وجه من تخاذل ومن وقف في صف أعداء الوطن وليؤكدوا وقوفهم إلى جانب الجيش العربي السوري في حربه على الإرهاب، خلف قيادة السيد الرئيس بشار الأسد، وضد مخططات الدول المعادية التي تستهدف استنزاف مقدرات سورية وتقسيمها وتفتيتها.
لا مساومة على ذرة تراب
حوارات ونقاشات اتسمت بالغيرية واكتسبت بعداً وطنياً خالصاً وعكست عمق الانتماء والولاء والوفاء من قبل أبناء الوطن مجتمعين ومدى تشبثهم بالأرض وعدم التفريط بشبر واحد أو المساومة على ذرة تراب واحدة، وهو ما شكل إجماعاً بين المشاركين من مختلف القبائل والعشائر والنخب الوطنية الذين أكدوا مجدداً أن سورية وطن العزة والكرامة والفخار وستبقى عصية ومنيعة على أعدائها وستلفظ كل المتخاذلين والمتآمرين إلى مذبلة التاريخ.
أبعاد المؤامرة
لم يغب عن المؤتمرين حجم المؤامرة الكونية التي استهدفت وجود الشعب والدولة السورية، وهو ما بدا جلياً منذ انطلاق الحرب الإرهابية الظالمة والقذرة التي شنت على سورية قبل حوالي تسع سنوات من الآن، والتي استهدفت تدمير مقومات ومكونات الدولة السورية وبنيتها التحتية، ومن ثم البنية الاقتصادية، بهدف إركاع الشعب السوري الذي شكل بوعيه ونضجه وإدراكه لأبعاد المؤامرة أنموذجاً يحتذى في الدفاع عن الأوطان وفي الوقوف إلى جانب جيشه العقائدي العظيم وقائده الملهم السيد الرئيس بشار الأسد، إيماناً منه بوطنه وبقضيته العادلة وبالنصر الأكيد الذي تحقق بفضل تضحيات وصمود هذا الشعب الأسطوري الذي تحدى الإرهاب وانتصر على أعتى حرب شهدها العصر الحديث.
وأكد المشاركون في المؤتمر أن الحرب الإرهابية على قسوتها لم تنل من عزيمة السوريين، وهم الآن وبمختلف شرائحهم ومكوناتهم، وبعد الانتصارات المدوية لأبطال الجيش العربي السوري، أقوى عوداً وعزيمة على إعادة بناء ما دمره الإرهاب؛ وسورية اليوم، وبعد أن قالت كلمتها في وجه الإرهاب، تسير بخطى ثابتة نحو تحرير كل ذرة تراب من رجس الإرهاب، بالتزامن مع إعادة إعمار وبناء ما دمره الإرهاب لتعود أقوى وأفضل مما كانت.
العيش المشترك
ويؤكد المشاركون في المؤتمر، ممن التقتهم “الشهباء”، أن هذا الاجتماع، وهو الثاني للقبائل والعشائر السورية والنخب الوطنية، يشكل رسالة للعالم أجمع مفادها أن جميع السوريين شركاء حقيقيون في إعادة بناء الوطن، وفي صف واحد إلى جانب أبطال الجيش العربي السوري في الدفاع عن كرامة وعزة الوطن، وهي رسالة أيضاً لأعداء الوطن بأن سورية بحضارتها وتاريخها الذي يضرب في جذور هذه الأرض الطاهرة ستبقى مرفوعة الجبين عزيزة كريمة، وستبقى أنموذجاً للعيش المشترك ومنارة للمحبة والسلام والإخاء، وأن الشعب السوري لن يحيد عن مبادئه وقيمه وثوابته الوطنية والقومية وسيبقى في الصف الأول مدافعاً عن قضاياه وقضايا العرب المصيرية، وسيناضل إلى ما لا نهاية حتى يستعيد جولانه المحتل وكل شبر مغتصب.
مشاركة واسعة
المؤتمر شهد مشاركة واسعة من محافظات حلب والرقة ودير الزور والحسكة. وأكدت الكلمات على أهمية الوحدة الوطنية، والعمل على تحرير كل شبر من رجس الإرهاب، ورفض الوجود الأجنبي غير الشرعي على الأراضي السورية، والمخططات الرامية للنيل من وحدتها واستقلالها.
محافظ حلب حسين دياب بيّن في كلمة له أن سورية تتعرّض اليوم لأشد حرب شهدها التاريخ، حيث تكالب عليها الإرهاب وداعموه عبر حرب عسكرية واقتصادية وتقسيمية بهدف تمرير أجندات خارجية استعمارية، موضحاً أن هذا الجمع الكبير من المحافظات السورية يؤكّد إصرار السوريين على تطهير أرضهم من الإرهاب وداعميه من الدول الاستعمارية، وأضاف: كما عادت حلب إلى حضن الوطن ستعود المحافظات الشرقية وريف حلب، ويرفرف العلم السوري فوق منشآتها ودوائرها.
وفي كلمة عشائر محافظة الحسكة، شدّد الشيخ عبود عيسى شواخ على رفض المخططات المعادية لسورية وشعبها، مؤكداً تمسك الأهالي بسيادة الدولة السورية، ورفع العلم الوطني فوق جميع ربوعها، ووقوفهم خلف الجيش العربي السوري لدحر كل من يدنّس تراب الوطن.
وفي كلمة محافظة دير الزور، أكد الشيخ نايف الفارس الجراح على مقاومة كل المخططات الاستعمارية التي يحاول المحتل الأمريكي فرضها على المنطقة، لافتاً إلى أن أبناء دير الزور مصممون على مقاومة العدوان وطرد المحتل.
وفي كلمة محافظة الرقة، أكد الشيخ أحمد الحجي أن الأهالي مصممون على مقاومة الاحتلال الأجنبي وأدواته العميلة، مشدّداً على ضرورة عودة كامل المحافظة إلى سلطة الدولة السورية وعودة جميع المؤسسات إليها.
وفي كلمة عشائر محافظة حلب، أكد الشيخ مجيب الدندل أن أهالي حلب مستمرون في رفض الهيمنة الأجنبية وعملائها، وأن حلب مثلما تحرّرت من الإرهاب وصدت العدوان ستتمكن، بهمة أبطال الجيش العربي السوري، من تطهير كل شبر محتل من ترابها الطاهر وإعادته إلى حضن الدولة السورية.
وفي كلمة النخب السورية، أوضح نضال رهاوي أن جميع نخب المجتمع السوري، من مهندسين وكتّاب وحقوقيين ومؤرخين ومثقفين، يرفضون وجود المحتل الأجنبي، وهو موقف وطني ومعيار أساسي لمواجهة جميع المخططات التي تعمل على زرع الفرقة بين السوريين.
وباسم تجمّع العشائر في حلب، أكد الشيخ محمد الفارس تمسّك العشائر بكل شبر من أرض الوطن ورفض التدخل الأجنبي، داعياً إلى منح مهل جديدة لتسوية أوضاع أبناء ريف حلب والجزيرة ومساعدتهم للعودة إلى حضن الوطن.
لا للمتخاذلين والمتآمرين
يتابع المشاركون حديثهم لـ “الشهباء” مؤكدين أن الكلمة الفصل في النهاية لأبطال الجيش العربي السوري الذين يسطرون أروع ملاحم البطولة والفداء، وما إن يطهر الجيش العربي السوري منطقة ما إلا ترتفع الصيحات الانفصالية المدعومة من قبل الدول الاستعمارية وقوات التحالف، وهذا ما رأيناه بالأمس عندما تقدم أبطالنا في ريف حماه الشمالي وصولاً إلى الحدود الإدارية لمحافظة إدلب، حيث عقدت اجتماعات في ريف دير الزور لرموز التحالف الدولي الاستعماري مع الممولين السعوديين وبعض الخونة السوريين الذين باعوا أنفسهم وارتهنوا للخارج بحفنة من الدولارات.
ورداً على هذه الاجتماعات، أكد عضو مجلس الشعب الشيخ فارس جنيدان، من عشيرة العجيل، أن السوريين لن يتخلوا عن ذرة تراب واحدة وسيحبطون كل المؤامرات وسيتعيدون كل شبر مغتصب مهما بلغت التضحيات وسيبقى العلم السوري ذو النجمتين الخضراوين يرفرف في سماء الوطن عزة وكرامة وشموخاً.
الشيخ فواز العلي، عشيرة الدليم، أوضح أن حدود سورية مصانة بموجب قوانين الشرعية الدولية ولن نسمح بتغييرها أو رسم خرائط تبديل لها، أو تغيير المنطقة الجغرافية فيها، والشعب السوري هو الوحيد المخول بتقرير مصيره، وسيأتي يوم ويقول الجيش العربي السوري كلمة الفصل ويطرد الغزاة والمعتدين.
وأشار الشيخ علي العدوس، عشيرة الكيار، إلى أن سورية منتصرة على الإرهاب وداعميه بفضل الثلاثي المقدس: الشعب والجيش والقائد، وهذا الثالوث هو من حقق النصر بحلب والغوطة ودير الزور وتدمر والجنوب السوري وسيكمل الانتصار الأكبر في إدلب.
وبين عضو مجلس الشعب الشيخ عبيد شريف العيسى، عشيرة البو شعبان، أن سورية وطن واحد لجميع أبنائه المتمسكين بوحدته والمضحين لأجله والرافضين كل أشكال الهيمنة والوصاية الأجنبية، ولن يقبل أي مواطن شريف المساس برموز الدولة، من حدودها إلى علمها إلى قائدها الفذ، السيد الرئيس بشار الأسد.
وبين الشيخ عبدالله الدندل، عشيرة البوشيخ، أن عشائر حلب، مثل شقيقاتها السوريات، رفضت وترفض أي نوع من الاحتلال المباشر أو غير المباشر المدعوم من الدول الاستعمارية، وستعمل مع الجيش العربي السوري لتحقيق النصر المؤزر على مساحة الوطن.
ولفت الشيخ سلطان الشويطية، عشيرة العقيدات، إلى أن كل ما طلبه المواطنون الذين يريدون العودة إلى حضن الوطن ملبى، حيث أصدر قائد الوطن مراسيم العفو حقاً لدماء السوريين، وقد تم العفو عن كل من لم تتلطخ أيديهم بالدماء، واليوم من هذا المنبر ندعو أخوتنا السوريين للعودة إلى رشدهم والوقوف صفاً واحداً لطرد الأجنبي.
ودعا الشيخ دحام الخرفان، عشيرة النعيم، لتعزيز مفهوم المقاومة الشعبية وتمكين القبائل والعشائر من ممارسة دورها الرئيسي في الدفاع عن سورية ومواجهة الأحلاف التي تريد النيل من الهوية السورية واللعب على التقسيمات المذهبية والعرقية والعشائرية.
وبين الشيخ عيسى الإبراهيم، العساسنة، أن سورية وطن لجميع أبنائه ويكفل لهم المساواة في الحقوق والواجبات والعمل على مبدأ تكافل الفرص، واليوم ومن هذا المنبر ندعو كل من أخطأ للعودة إلى رشده ووضع يديه بأيدي أخوته السوريين الشرفاء لإعادة بناء سورية المتجددة.
من جانبه، أوضح فايز العيسى، عشيرة البو شعبان، أن الاحتلال إلى زوال، ولا بد أن تشرق شمس الانتصار على مساحة سورية، ونحتفل بالنصر الكبير بطرد آخر إرهابي عن أرض الوطن، وتبدأ معركة بناء سورية المتجددة.
تسوية أوضاع
وخلال المؤتمر، ناشد الحضور قائد الوطن، السيد الرئيس بشار الأسد، بضرورة الحسم العسكري والإسراع بتحرير سورية من دنس الإرهاب وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، موضحين أن مكرمة سيادته بتشكيل لواء خاص بحلب والمحافظات الشرقية لتسوية أوضاع الشباب التي منعتهم الظروف من الالتحاق بالخدمة الإلزامية أو الاحتياطية هي مكرمة نبيلة ولها وقع كبير في نفوس أهلنا وهي موضع تقدير وعرفان، مناشدين سيادته تجديد مهلة التسوية مدة ثلاثة أشهر أخرى لإتاحة الفرصة لأبنائنا ممن حالت الظروف دون التحاقهم بخدمة العلم، وأن تشمل كذلك المدنيين من أبناء ريف حلب والجزيرة ممن لم تتطلخ أيديهم بالدماء، وكذلك الموجودين خارج سورية ليعودوا إلى حضن الوطن والمساهمة في بنائه.
البيان الختامي
وأكدت الوفود المشاركة في الاجتماع في بيان ختامي ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية تحت قيادة الرئيس الأسد، وعدم السماح بالمساس بوحدتها والتفريق بين أبنائها، ورفض الوجود الأجنبي غير الشرعي على الأراضي السورية، وخصوصاً في المنطقة الشمالية والشمالية الشرقية، مشيرة إلى أن كل القوات التي دخلت سورية بطريقة غير شرعية هي قوات احتلال وعليها أن تخرج منها، لافتة إلى أن سورية وطن واحد لجميع أبنائه المتمسّكين بوحدته والمضحين لأجله والرافضين كل أشكال الهيمنة والوصاية الأجنبية أو على أي جزء عزيز منها.
وأشارت القبائل والعشائر والنخب الوطنية إلى أن حدود سورية مصانة بموجب قوانين الشرعية الدولية، ولن نسمح بتغييرها أو رسم خرائط تبديل لها، ولن نسمح لأي كان بتنفيذ أي مخططات من شأنها النيل من وحدة سورية أو تغيير المنطقة الجغرافية فيها، فالشعب السوري هو الوحيد المخوّل بتقرير مستقبله، والأراضي السورية هي ملك لشعبها الذي لا يقبل الوصاية، مجدّدة رفضها القاطع للتدخل التركي السافر في شؤون سورية، مؤكدة ضرورة تعزيز مفهوم المقاومة الشعبية، من خلال تمكين القبائل والعشائر العربية والكردية الوطنية للقيام بممارسة دورها الرئيسي في توطيد العلاقات الإنسانية، وتعزيز ثقافة الحوار والتفاهم، لإفشال المخططات الاستعمارية، وما يسعى إليه المتآمرون في المنطقة الشمالية والشمالية الشرقية، والعمل على إعادة سلطة الدولة إلى كامل المحافظات الشرقية، ودعمها بما يضمن إعمارها وازدهارها، والتأكيد على أنها جزء لا يتجزأ من سورية، مشيرة إلى أن أبناء الجزيرة وحلب مستعدون للذود عن وطنهم بجميع الطرق.
وأوضح البيان أن سورية وطن لجميع أبنائه يكفل لهم المساواة في الحقوق والواجبات، ودعا للعمل على مبدأ تكافؤ الفرص، وإفساح المجال لأبناء الشعب كلهم للقيام بواجباتهم لصوغ حياة المجتمع، وتعزيز التفاهم بين أبناء الوطن، والتأكيد على أن ثروات سورية ومواردها ملك لشعبها، ولا يحق لأحد أن يغتصبها، مشدداً على أن راية الوطن هي علم الجمهورية العربية السورية الذي يرمز للوحدة والحرية والسيادة، واللغة الرسمية للجمهورية العربية السورية هي اللغة العربية.
ونوّه البيان ببطولات الجيش العربي السوري في محاربة الإرهاب وتحريره أغلب المناطق بالتعاون مع القوات الرديفة والحليفة، وأكد على الوقوف خلفه حتى تحرير آخر شبر من رجس الإرهاب، ودعا إلى العفو عن كل من لم تتلطّخ أيديهم بالدماء، والاستمرار بتسوية أوضاع المتخلفين عن الخدمتين الإلزامية والاحتياطية لإتاحة الفرصة لمن حالت الظروف دون التحاقهم بالخدمة، وجدّد الدعوة إلى رفع الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب التي تفرضها الولايات المتحدة ودول أخرى على الشعب السوري، وضرورة تسهيل المجتمع الدولي عودة المهجرين السوريين، بما في ذلك من مخيمي الركبان والهول، إضافة إلى ضرورة توسيع الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها المساعدات الإنسانية للسوريين المحتاجين على الأراضي السورية كافة.
بقي أن نشير إلى أن الاجتماع الأول للقبائل والعشائر السورية والنخب الوطنية عقد في منطقة أثريا بحلب في كانون الثاني الماضي.
ت. يوسف نو